الامام المهدي المنتظر(عج)بينما يتردّى الوضع العالمي إلى الحضيض، مشيراً إلى فراغ الأنظمة، واستهلاك الطاقات بشكل مخيف، وتقهقر الجهود والإجراءات للتلافي والتدارك، قبل أن يكون السيف قد سبق العذل.
من هنا تبرز الحاجة الملحّة إلى شخصية عالمية مؤهَّلة، وقيادة ربانية رشيدة ملهمة، لاستقطاب الإسلام، وإدارة الحركة الإسلامية التاريخية وتقديم المنهج الإسلامي الإلهي، بالمسؤولية المتخصّصة، والشمولية المتكاملة، بحيث تكون هذه الشخصية مرجعاً حقاً، لما اختُلف فيه من الحق والأمر، وملاذاً واعياً، وإمامةً هادية، وأسوةً جامعة وفاصلة.
إذاً البشرى بالمهدي هي أعظم ما يتمّ الإفصاح عنه في عالم اليوم، وأحق القضايا بالتهيُّؤ والترقب، حيث إن المهدي أصبح حقيقةً وليست موضع شك وارتياب، وإن طلوع الشمس أعظم برهان على وجودها، ومؤشر على ضوئها ودفئها.
فالمهدي (عليه السلام) حين يظهر إلى دنيا الواقع، يجد الإسلام خامات وطاقات، ويجد مؤهلات الترقب والانتظار وتمحّصات المعاناة والمخاض العسير، ويجد في العالم فراغاً وإحباطاً وظلماً صارخاً، وتدهوراً مريعاً في الإجراءات والمواقف، ومن خلال كل زاوية وموقع مما يتيح للإمام المهدي سبيل ظهور مبارك ومحبّب ومعالجة أيسر وأقرب لرتق ما انفتق من السلوك الإنساني.
إن مخزون الشوق والحب والتقديس الذي يملكه الإمام المهدي (عليه السلام) في قلوب المسلمين، بل في قلوب الإنسانية، لا تملكه اليوم شخصية على وجه الأرض، وسوف تزداد هذه الشعبية والاهتمام بأمره، حتى ينجز الله تعالى وعده، ويظهر به دينه على الدين كله.
فالمهدي (عليه السلام) لم يعد فكرة ننتظر ولادتها ونبوءة نتطلَّع إلى مصداقها، بل واقع قائمٌ ننتظر فاعليته وإنسان معيّن يعيش بيننا بلحمه ودمه، نراه ويرانا، ويعيش مع آمالنا وآلامنا، ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا.
كما أن الإيمان بالإمام المهدي (عليه السلام) إيمان برفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب، لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الإنسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما ادلهمت الخطوب وتعملق الظلم، وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمة مجده، تضع الأمل كبيراً أمام كل فرد مظلوم وكل أمة مظلومة في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء.
إذاً علينا أن نهيّئ أنفسنا جميعاً لاستقبال الإمام المهدي (عليه السلام) كأنه سيقوم غداً، وذلك من خلال إعداد أنفسنا إيمانياً وعقائدياً وفكرياً وثقافياً وروحياً وسلوكياً وسياسياً وجهادياً ورسالياً، وعليه يجب أن يكون إحساسنا بقضية الإمام المهدي (عليه السلام) عالي المستوى في الفكر والممارسة، فنركّز ذلك في وعينا وسلوكنا من خلال الارتباط الفعال بالقيادات التي تجسّد خط الإمام (عجل الله فرجه) في الساحة، والتي تُعدّ امتداداً رسالياً بقيادته (عليه السلام).
نسألكم الدعاء